الصفحات

الجمعة، 1 أبريل 2022

سحر

يقول الله -تعالى- في سورة آل عمران واصفا المتقين: [الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ]
ويقول -سبحانه- في سورة السجدة: [تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون].
ويقول ربي -عز وجل- في سورة الذاريات واصفا أهل الجنة: [إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون]
وقد جاء في الحديث الشريف: [إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين]، رواه الطبراني وابن حبان عن ابن عمر رضي الله عنهما، والحديث صححه الألباني. وفي الحديث أيضا: [تسحروا فإن في السحور بركة]، أخرجه البخاري عن أنس رضي الله عنه.

هنا؛ كم أرجو أن نتفكر جميعا بتأمل المُسَلِم ونحن نمتثل لأمر ربنا -تعالى- ونبينا -صلى الله عليه وسلم- في الاستغفار والتسحر مقترنين. ليتبين لنا:
أولا: أنت لم تصحُ في هذا الوقت إلا استجابة لإرادة الله الشرعية ورغبة في ثوابه وليس بحكم الاعتياد لأنه رمضان أو في وقت صيف أو إجازة. وهنا الإخلاص.
ثانيا: أنت الآن تستعرض شريط أحداث حياتك. وتمسك بالذنوب ذنبا ذنبا؛ فلا تفوت هذا العرض الليلي. ينبلج الفجر حاملا البشائر بنور القبول في قلبك.
ثالثا: إنك تصيخ السمع بقلبك؛ كأنك أيها المحسن تسمع الله تعالى في السماء الدنيا يقول: [هل من مستغفر فأغفرَ له]. فتقول: نعم يا رب أنا فاغفر لي.
رابعا: وأنت تتناول أولى لقم سحورك الطيب المبارك تستشعر أنك تفعل شيئا فعله في مثل هذا الوقت سيد المستغفرين محمد صلى الله عليه وسلم؛ فتزداد زهوا وتنشط وتنشد البركة فيه.
خامسا: وأنت تأكل يغلب في خيالك الفطري صوت صلاة الملائكة ويتماهى استغفارك وذكرك مع فعل أولئك الأبرار؛ أليست صلاة الملائكة استغفارا؟
سادسا: جميل أن تثق بربك حين تذكر ذنوبك وتعلم أن لك ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب؛ فتشفع الاستغفار بالشكر له -سبحانه- إنعامه بهذا السحور وبتوفيقك إلى تحري مظان المغفرة.
سابعا: سحورك واستغفارك عبادتان وقد انتهيت من القيام وهو عبادة، وأنت تستعد للصوم وصلاة الفجر وهما عبادتان. فأنت تسيح في خمائل العبادة لا تمل ولا تشبع.
ثامنا: تأكد أنك الآن في أعظم لحظات الإخلاص والخلوص لله؛ كيف لا وأنت في ليل بهيم ساتر لا يعرف أحد ما يدور في داخلك. فلا تلتفت إلى شبهة الرياء.
وآخرا: لا تنس وأنت تتلذذ بهذه النعم وتثق باستفادتك منها أن تداوم عليها وأن تنشرها بين كل من تحب كي تؤتى مثل أجورهم وتُسعد بلقائهم في جنات ونهر عند مليك مقتدر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق