الصفحات

الجمعة، 15 يوليو 2022

نِعْمَ الفَهْمُ

أحد أصدقائي يعمل معلما في بلد عربي أخبرني أنه كان مع مدير المدرسة وقت الفسحة، فرأى المدير أحد الطلاب وقد طال شعره، ناداه ووجه بأن الأفضل أن يقص من شعره، لم يعترض الطالب؛ لكن لما قفل راجع صديقي المدير بحجة أن هذه النصائح قد لا تلقى صدى عند بعض الطلاب وقد لا يعين وابل التعليمات على فرضها، فأجابه المدير بهدوء: يا فلان "فليغرسها".
يا الله!؛ ما هذا الاستدلال العجيب؟، يقينا أن استدلاله ليس وليد اللحظة؛ بل هي قيمة منيرة متجذرة في قلب هذا المربي الذي شاء أن يكون أبا رحيما قبل كونه مديرا نمطيا.
أشار المدير بجوابه إلى الحديث الذي أخرجه أحمد عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها).
المسؤولون -من حيث علموا أو لم يعلموا- وفقوا إلى اختيار هذا المدير الذي لا يكتفي بتوجيه الطلاب؛ بل يسعى إلى إكساب زملائه المعلمين قيما أحسب أن المنظرين عاجزون بسفسطاتهم أن يوصلوها، فهم المدير من عبارة "فليغرسها" منهج عمل تربوي يقوم على أن كل قيمة من قدوة أو كلمة طيبة هي في فكر صاحبها فسيلة تطلب الغرس حتى وإن قامت قيامة المنادين بفوضوية تحرر الجيل؛ فلا بد أن تجد هذه الفسيلة أرضا خصبة.
الفسيلة صغيرة النخلة الأكثر بركة ونماء وعطاء، تأخذ القليل وتمنح الكثير، قيمة غرسها المدير سوف يتعدى أثرها إلى أجيال من الطلاب والمعلمين والآباء وكل من سمع عن موقفه، "فليغرسها" غرست في هذا المعلم أملا في خيرية الأمة ونشاطا في التوجيه وحكمة آمرة بالمعروف بمعروف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق