المتابعون

الجمعة، 11 ديسمبر 2020

نعم

ما أكثر المرات التي كنت فيها قليل الذوق مع أساتذتي في صغري، ومع أنهم يأخذون حقهم ربما بأضعاف ما أستحق؛ إلا أني لم أتب، أذكر أنه قبل أربعين عاما؛ ناداني أستاذي فأجبته: نعس، بدلا من: نعم، سكت الأستاذ فظننت أنه لم يتنبه وأني أجدت في مقلبته، بعد دقائق أثناء الحصة ناديته فأجابني: نعل، وفرق كبير بين نعس ونعل!، قلة هي المواقف التي يتمنى فيها أحدنا أن يناله جزاء بدني بدلا من الرد اللفظي العلني القاصم، وأحسب أن الأستاذ يمتلك طرقا تهذيبية أفضل بكثير من رده الأقرب إلى الانتصاف الشخصي.
بعد تلك الحادثة بفترة أحببت ممارسة الاقتداء بشكل خاطئ؛ كنا في الطابور، فناداني زميل لي كان يقف في الصف المجاور، فأجبته كما أجابني الأستاذ: نعل، وكان في ذهني أني منتصر، رد علي ذلك الزميل مباشرة هازئا: على خدك اشتغل. لمعرفتي ذلك الزميل؛ أنا على يقين أنه لم يؤلف ذلك الرد في لحظتها؛ بل سمعه من قبل، ويا له من إبداع في رد الشتائم!، على أية حال؛ بؤت بالخيبة في كلا الموقفين، ولم أعد لمثلها قط، ولن أعود أبدا، مجموعة أسئلة متشابهة: ماذا كان يريد أستاذي مني حين رددت عليه بِ نعس"، وما أردت أنا من الأستاذ حين رد علي بِ "نعل"، وماذا أراد مني زميلي حين كان ذلك الرد الأشد قصما؟.
فرق كبير بين العلم والامتثال؛ فأنا أعلم أني في الموقفين مخطئ؛ لكن هل بات لزاما أن أصعق بهذين الردين لأمتثل؟، عند البشر تختلف قوانين المادة الفيزيائية؛ إذ لكل فعل رد فعل معاكس ومضاعف بأضعاف كثيرة في القوة، ثبتنا الله على الخلق الحسن وغفر لنا أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق