المتابعون

الجمعة، 11 ديسمبر 2020

صلاة

من أصعب المواقف علي وأنا في الصفين الأول والثاني الابتدائيين كان وقت صلاة الظهر؛ إذ لا بد من تأديتها في المدرسة جماعة، كان معهدنا أشبه بحارة صغيرة فيها بنايات متعددة.
تبدأ المعاناة من البحث عن مجتمع دورات المياه، بقيت فترة طويلة لا أجيد الاهتداء إليه، أكثر من في المعهد كانوا أكبر مني ويحتقرون صغيرا مثلي؛ بل يترفعون عن تعليمه الطريق أو لعلهم لا يجيدون ذلك النمط من التعليم، وقد بلغ الإذلال ببعضهم أني أطلب منه مصاحبته لأتوضأ فيرفض، وكم مرة مشيت مهتديا بصوت خطوات أحدهم وهو يمخر تراب المعهد، وربما أحس أني أتعقبه فيخفف وطأته على الأرض كي لا يدلني، وأذكر أني اتجهت مرة إلى دورات المياه فاصطدمت بجدار خشن قديم البناء فانكسر جزء من ثنيتي.
ثم تبدأ معاناة الوضوء من مجتمع الصنابير؛ إذ أحيانا كنت أرفع قبعتي لأمسح رأسي فتسقط مني وتبتل فأتلقى ضربا لا بأس به من المشرف في الإسكان، وبسبب هذه المعاناة؛ قلما أدركت الصلاة كاملة، وعندما أقوم لأقضي ما فاتني، ينطلق طلاب القسم المهني، وهم كبار قد يتجاوز عمر بعضهم الخمسين، في يد كل منهم عصا غليظة جدا يضرب بها الأرض كان بينه وبينها ثأرا، أذكر أني كنت مرة ساجدا وفجأة سمعت وقع عصا أحدهم تقترب وتكاد تهشم رأسي، ناهيك عن حجمه الثقيل إذا تعثر فيَّ إن بقيت لي حياة، فلم أجد بدا من رفع رأسي والصراخ فيه قائلا: اصبر اصبر، ولا أدري بعدها ما فعلت في بقية صلاتي وهل أعدتها؟، ولا تسل عن مآلي إن تأخرت إذا بدأت الحصة السابعة بعد الصلاة؛ فهو خاضع لمزاج الأستاذ ولتأخره أيضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق