المتابعون

السبت، 22 مايو 2021

هناك أكثر من خميني!!!

البداية الواضحة لعلاقة إيران بلبنان لُحظت عام 1957 حين عاد موسى الصدر للإقامة الدائمة في لبنان، الصدر المولود في قم؛ كان مؤسس جناح شيعي عسكري هو أفواج المقاومة اللبنانية المعروف بأمل، وعراب مظلومية الشيعة اقتصاديا وسياسيا هناك بإنشائه حركة المحرومين، ومع قيام الثورة الخمينية اختفى الصدر في ليبيا، ولئن أكدت الوقائع ضلوع القذافي حليف إيران الخمينية في إخفائه؛ فإنها تشير من طرف خفي إلى دور محوري للخميني الذي بطبعه الكسروي يعد إلغائيا، وفي بحر الثمانينات وردا على استغلال مظلومية إخفاء الصدر بمؤامرة مكشوفة انفصلت جماعة كبيرة عن حركة أمل سمت نفسها حزب الله وأعلنت ولاءها المطلق لإيران، ودارت بين الفصيلين الشيعيين مواجهات عسكرية تفوقت فيها أمل بسبب الدعم السوري ولانشغال إيران في حربها مع العراق، ولأن الفارسي لا يعيش إلا برئتَي الثأر والغدر؛ فقد سكت حينا من الدهر ثم استثمر ورقتَي الكيان الصهيوني وضعف الوصاية السورية على لبنان ليؤكد بالنار والمال والإعلام سيطرته على كل التنظيمات الشيعية والقومية وتبدأ صناعة الخمينية.
لأن لبنان بلد يحوي 19 طائفة، وكل طائفة تحرص على نيل الحصة الكبرىك من كعكة السلطات؛ ولأن ذلك البلد شهد مواجهات تحت الرماد بدءا باستقلاله ومرورا باللجوء الفلسطيني والسلطة الناصرية وسلطة المكتب الثاني والتململ من المارونية السياسية، وصولا إلى حرب لبنانية دامت 15 عاما تعددت فيها المواجهات؛ فبات للفريق الواحد أكثر من عدو وربما تحول العدو صديقا، ولأن الثقة اهتزت بين الطوائف، وبسبب تذمر جماعات من اتفاق الطائف وما سموه السنية السياسية؛ صنع حزب الشيطان الكيبتاغون موالين كثرا من طوائف مختلفة، وفي محاولة لصنع أساطير في كل طائفة يدان لها بالولاء على غرار الخميني؛ بات لزاما أن يُصنع لكل واحدة خميني أو أكثر للعب على التناقضات الداخلية.
عند الدروز صنعوا خمينيين موالين لهم؛ أحدهما طلال أرسلان والآخر وئام وهاب الأقل تأثيرا والأكثر صراخا؛ لكنه يعينهم على استقطاب قدر أكبر من الدروز بأقل جهد، وعند السنة كان لهم خمينيان لا تأثير لهما إلا في التشويش الإعلامي؛ أحدهما اقتصادي سياسي غربت شمسه وهو زعيم حزب الشغية زاهر الخطيب، والآخر ديني إخونجي متطرف هو ماهر حمود إمام مسجد القدس في صيدا، كما أسسوا جيبا عسكريا صغيرا محسوبا على السنة؛ هم الأحباش حاملو الأسلحة البيضاء، أما البقية فهم موالون لسوريا؛ مثل: الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري وحزب التاشناق الأرمني وحزب التضامن وغيرهم، لجأوا إلى حزب الشيطان ليحظوا بأكبر حصيلة من فتات المكاسب التي يوزعها عليهم وليهم الفقيه.
ولأن الموارنة يرون أنفسهم عرابي قيام لبنان منذ عام 1920 مع فرنسا؛ فقد حاولوا إلا يستسلموا لوصاية وعملوا على علاقات متوازنة مع المحيط العربي على تناقضاته، في مستهل عام 2005 كان التقارب السني الماروني على حساب سلطة الوصاية السورية الإيرانية ليغتال الكيبتاغونيون رفيق الحريري رحمه الله؛ لكن هذا الاغتيال زاد من تقارب الطائفتين وضم إليهما دروز وليد جمبلاط فيما عُرف بتحالف 14 آذار، ولما فشل إرهاب إيران؛ وجب استثمار خميني صغير ليفتت التكتل ويكون حربة يراد بها إبادة السنية السياسية، وكان لإيران وحلفائها الذين اعتادوا على محاربة غيرهم بغيرهم ما أرادوا.
ميشال نعيم عون المولود عام 1935 في الضاحية الجنوبية خزان حزب الشيطان، وقد كانت ولادته تحديدا في حارة حريك حيث المقر الافتراضي المعلن لحسن ناصر الشيطان، تربى عون في تلك الحاضنة، تقلب في القطاع العسكري حتى بات قائدا للجيش ورئيسا للحكومة العسكرية، هُزم في حرب التحرير بعد أن أعلن اعتصامة في قصر بعبدا رافضا اتفاق الطائف، وهرب بمظلوميته المخترعة إلى فرنسا، من هناك تابع انتقاداته الذي ردد موالوه صداه أحيانا على استحياء.
من المفارقات العجيبة أن عونا بدأ مواليا لعراق صدام، وهكذا كان الخميني حين طرده الشاه وبقي مدة في النجف، عون نفى نفسه في فرنسا وهكذا فعل الخميني بعد أن طرده صدام، الرجلان كانا طالبي سلطة؛ كل على طريقته؛ حيث الخطابات الإعلامية ومن ثم العودة الاستعراضية، ومع أن عون قدم نفسه أنه غير طائفي؛ إلا أن خطاباته لا تكاد تخلو من المطالبة بحقوق الموارنة التي يوحي دائما أن الوصاية السورية سلبتها.
عاد عون مستثمرا دماء الحريري ونقمة أكثر اللبنانيين على وصاية سوريا، بدأ بقسمة 14 آذار بحجج مؤداها أنه يجب أن يكون الزعيم الأوحد، جاءت الانتخابات النيابية عام 2005 وحاز معظم الأصوات غير السنية؛ ليصرح البطريرك الراحل صفير أنه بات لهم زعيم على غرار زعامات الطوائف الأخرى، غيَّر البوصلة تماما فتحالف مع قوى الأمر الواقع حزب إيران المتلبنن في تفاهم مخايل عام 2006، وهكذا ضمن ظهيرا عسكريا مع موارنة ما زالوا مخدوعين بوطنيته، ليشب خميني الموارنة عن الطوق، ويبدأ في إنفاذ أجندة أسياده الفرس بإلغاء زعامات طائفته وشيطنة السنة وإيذائهم بمعاونة حزب الكيبتاغون في انقلاب 7 أيار على بيروت عام 2008، عطل بحجة الميثاقية انتخابات الرئاسة سنتين، وشد العصب الطائفي بحجة أن الشيعة ينتخبون رئيس النواب والسنة ينتخبون رئيس الوزراء؛ فمن الظلم ألا يحق للطوائف غير الإسلامية أن تنتخب رئيس الجمهورية، وكان له ما أراد في تفاهم معراب مع القوات اللبنانية الذي أوصله ببندقية جماعة الموسوي إلى الرئاسة.
وتماما كعهد الخميني؛ فقد شهد عهد عون فرقة بين أبناء الوطن الواحد ومظلوميات لا تنتهي وتدهورا كبيرا للقطاعات الاقتصادية واضطرابات أمنية وسوءا في العلاقات مع المحيط العربي وميلا علنيا إلى العرق الفارسي؛ لكن لأن الفُرس يؤمنون بهيمنة عرقيتهم على عرقيات الدنيا؛ كأني بهم يرون عونا أقل بكثير من حمل لقب كالخميني؛ لذلك سأحتال وأنحت اسما أظنه مُعبِرا ومعْبَرا هو خوعوني.
إن بلدا جمع الحضارات وكان مستشفى الشرق ومطبعته وسويسراه ليأنف تاريخه أن يوثق عهدا حاول تخدير محيطه بالكيبتاغون وتهييجه بالعنصرية وبات مصدرا للإرهاب الطائفي وكان قائده إلى جهنم بَي الكل يلي ما خلوه هو خوعوني.

كتبه أبو الليث عبد العزيز بن صالح الحسني الزهراني.
في مكة، صباح الأحد 11/10/1442 هـ 23/5/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق