المتابعون

الخميس، 28 أكتوبر 2021

إعلامي سياسي

جورج قرداحي الإعلامي المتلون بالسياسة أوضح في مقابلته الأخيرة في البرنامج المشبوه "برلمان الشعب" الذي بُثَت الاثنين الماضي بعد تسجيلها بشهرين و20 يوما بجلاء عن جهله في الإعلام والسياسة؛ بل حتى في مصلحته الشخصية، ولأنه في تعليقه السخيف على مقابلته رغب أن نتابع المقابلة كلها؛ فقد فعلت واتضحت أدلة كثيرة على جهله:
وقبل الخوض في الأدلة؛ تجدر الإشارة إلى نمطين غريبين من ردود الفعل على المقابلة: أولهما: ما يُنقل عن الشبكة الإعلامية السعودية التي كان يعمل فيها قرداحي أنها قد تغلق مكاتبها في لبنان؛ الحق أنه ما لم تصدر إرادة عليا؛ فإني لا أتمنى حصول ذلك الإغلاق؛ لأن الخبثاء سيوحون إلى صبيانهم أن الشبكة تختصر العلاقة مع لبنان بقرداحي وأنه لا يوجد في بلاد الأرز إعلامي جيد يحمل لبلادنا ودا، التصرف الأصح هو تحطيم كبرياء قرداحي الذي صنعناه نحن بفلوسنا من خلال أدوات معلوماتية مشروعة فقط، أما النمط الآخر من ردة الفعل الغريبة؛ فهي حول لبنان الرسمي والإعلامي والشعبي، أما الشعب؛ فقد انشغل بتداعيات أحداث المرفأ والطيونة واستدعاء جعجع، وأما الإعلامي فخجول لاهث خلف المزاج الشعبي، أما الرسمي؛ فقد اعترض ميقاتي -كعادته- بهدوء وربما بحزن؛ لكن ما أعجب له هو رفض ميشال عون إقالة قرداحي المحسوب على عدوه سليمان فرنجية، كانت فرصة ينال فيها مجدا جديدا ويقترب قليلا من الخليج؛ لكنه جبُن -كعادته- من أسياده الإيرانيين واثقا أن خلافنا مع السلطة اللبنانية أكبر من جورج هذا، وهي مختصرة في مليشيا إيرانية مسيطرة وملحقة الأذى بنا وبغيرنا، وأحسب أن الحاجة قائمة على ضرورة تطهير إعلامنا ممن يناوئنا في أي مفردة من سياستنا؛ إذ إن تغاضينا عن رأي قرداحي المخالف لنا في سياستنا إزاء الشأن السوري جعله يتمادى ظانا أنه المعصوم أو المغفور له.
عودة إلى أدلة جهل قرداحي؛ لأذكِّر أن الواجب على كل شخصية يعبر تأثيرها الحدود -إن كانت في بلد متعدد الأحزاب- مثل الإعلاميين والرياضيين والفنانين ألا يصرحوا بانتماءاتهم السياسية حفاظا على خطوط الرجعة مع أكثر الدول ذات الآراء المتباينة مما يوفر لهم استمرارية لقمة العيش، وهذا ما لم يفعله قرداحي؛ فهل أغنته الملايين التي لمها في "من سيربح المليون" فآثر ألا يكون مع صانعيه مسامحا ولو غير كريم، أَم لعله موعود بملايين التومانات الإيرانية؟، خاصة أنه يعلم أن دخول الجنة الحكومية لا يسمن ولا يغني من جوع؛ لكنها السلطة التي يزعم أنه لا يلهث خلفها.
جورج فؤاد قرداحي الكسرواني المولود في عام 1950 الذي تجاوز الحادية والسبعين من عمره لم يستفد لا من نضج سنه الكبيرة ولا من خبرة إعلامية امتدت نحو نصف قرن بين بيروت وباريس ولندن ودبي والقاهرة، لم يعلمه الإعلام أن الاتكاء على إرث صيت ربما كانت المصادفة عونا له على حصوله لن يبقى ما لم تعززه الثقافة متعددة المشارب وفنون التعامل مع المخالف، هو -في العرف الإعلامي- فاشل عند تقديم البرامج، وهو -في ظني- بما لديه من إمكانات صوتية ولغة جيدة تقف قدراته عند قارئ نشرات أخبار، ولعل نوعيات البرامج التي قدمها لا تكشف عواره الإعلامي؛ فهو اقتصر على طرح أسئلة أوتوماتيكية ومحاورة المتسابق بكليمات أثناء التفكير، وهو يحاول الجمع بين متخاصمين في طيبة درامية مبرمجة؛ لكنه لما ولج السياسة انكشف وعُرفَت بضاعته.
في مقابلته؛ ظهر هزال قرداحي السياسي؛ فهو يزعم أن هناك فرقا في سوريا بين الدولة والنظام؛ فعلى مَن يضحك؟!، أعَلى العالَم بأمريكاه وأوروباه وحتى روسياه؟، هل يريد أن يؤسس منهجا جديدا في الأنظمة الشمولية؟، منذ متى وبيت الأسد القابض على السلطة أكثر من نصف قرن بنى دولة ناجحة؟، إنه نظام دولة جرب طرفا منه إبان الوصاية الأسدية على لبنان، ثم ألا يسمع مقولة "سوريا الأسد"؟!؛ لعله لكثرة ما سمعها طرب فظن أن سوريا هي الدولة والأسد هو النظام، يبدو أن شهادة العلوم السياسية التي حملها لا تعدو كونها شهادة زور!
أي ضيق ملاحظة كشف عنه قرداحي في مقابلته؛ حين اختصر مشكلات مصر في عصر الإخوان بتراكم الزبالة؟!، ألم يسمع بتكرر انقطاع الكهرباء وندرة البنزين والغاز؟!، ألم يسمع بالتوترات الشعبية المعطلة نهوض مصر؟!؛ لعل تراكم الزبالة في أنحاء من لبنان المظلوم جعلها تقفز إلى ذهنه، فبات يختصر كل مشكلة عالمية في الزبالة!، ثم هل يُعقَل أن إنجازات مصر بعد ال30 من يونيو تُختصَر في إنشاء جسور فقط؟، إنها لغة الإخوان التي تضلَّع منها قرداحي، كيف يكون وزير إعلام ويدعي أنه يزور مصر مرتين كل شهر وتعمى بصيرته فلا يدرك إلا ما يمليه عليه الإخوان؟، حقا؛ ما عنده نظر!.
يزعم قرداحي في مقابلته أن حربنا على اليمن عدوانية عبثية، وقد نسي هذا الإعلامي الصغير أننا لا نحارب اليمن؛ بل نحارب فصيلا متمردا على الشرعية، وسبق أن هدد حدودنا وما زال، متابعته قاصرة وثقافته ضحلة وتعبيراته بليدة؛ فكيف يمثل مثل هذا لبنان إعلاميا؟!، يجهل قرداحي أن مليشيا الحوثي حاربت الشعب اليمني 6 حروب، وأنها حرمته حق العيش بكرامة وأمن وبحبوحة؛ بل حرمت أطيافا من الشعب اليمني حق الحياة، حرمت ذلك الشعب حق التعبير والتمسك بمذهبه، وجرته إلى جحيم الفارسية، يتناقض قرداحي في مفهوم الدولة بين سوريا واليمن، إذن؛ القانون عنده هو "ما يطلبه المسلحون"!، أيضا خسارةٌ فيه شهادة القانون التي حملها؛ لأنها شهادة زور أخرى!
في تعليقه السخيف على المقابلة؛ ادعى أنه لا تأثير لها؛ لأنها أذيعت قبل توزيره بنحو شهر، مشكلة القرداحي أنه يظننا بُلهاً في الإعلام، وهذا نابع من نرجسيته وتعاليه السمج، في عُرف الإعلام يستطيع المستضاف أن يطلب من الوسيلة المستضيفة حذف الحلقة أو حذف مقاطع منها مقابل إرجاع المبلغ الذي قبضه من الوسيلة؛ خاصة أنه درج العُرف على إبلاغ المستضاف بموعد إذاعة حلقته مسبقا، ولا أظن قرداحي وهو الشخصية العامة التي طُبِعت بالسياسة سيعدم وسيلة ودية أو رسمية لتحقيق مراده؛ إن كان صاقا، على أية حال؛ فهذه التصريحات العدائية لبلادنا هي التي أهلته للاستيزار، ولا ينقضي العجب هنا؛ بل يصل إلى تكريمه من قِبل الشبكة السعودية بعد مقابلته تلك؛ إذ ذهب قابضا الفلوس ومتدثرا بالتقية التي تعلمها من أسياده؛ لا وفاء ولا ذوق؛ ولكن هكذا يكيد لنا عشاق إيران من حلف الأقليات!، ثم لو كان حقا متمسكا بالبيان الحكومي ما أكد في تعليقاته المستهجَنة على مقابلته أنه لن يعتذر وما أعاد حتى في تغريداته عبارة العبثية، ثم إننا تعلمنا من الإعلاميين الكبار غير جورج هذا أن الإعلامي يجب أن يبدو واثقا حتى إن أحرج؛ فالذكاء في البحث عن مخرج وإنهاء الاستضافة باحتراف؛ لكن قرداحي  بتوتره وقصوره في الإجابات ومهنيته المصطنعة ولجوئه إلى مهزلة سحب الثقة ممن سحبوا منه الثقة ابتداء جعل العالم يدرك حجمه، ولا لوم عليه؛ ففشله بفضاء الإعلام اللبناني جعله يدعو زملاءه -إن استحق زمالتهم- أن يمتنعوا عن استضافة معارضي الحكومة، أحسب أن كل من شهد له بهامش من خبرة إعلامية؛ عليه أن يراجع شهادته؛ فقد تكون هي شهادة الزور الوحيدة في حياته!
في تعليقه على مقابلته؛ انحشر قرداحي فتمسح بالسيادة اللبنانية وعرَّض بالضغط على وزير الخارجية اللبنانية الأسبق شربل وهبي لإخراجه؛ فأين السيادة اللبنانية حين شتم قرداحي وهبي وطلب منه الاستقالة على تويتر؟، وإن كان محقا في طلب الاستقالة فلِم لا يتقدم بها حرصا على مصالح لبنان واللبنانيين في الخليج؛ أم أن لبنان الدولة ولبنانيي الانتشار ليسوا من مقومات السيادة في رأيه؟، تمنى قرداحي في مقابلته انقلابا عسكريا في لبنان؛ هل يوجد عاقل يتمنى انقلابا عسكريا في بلده؟؛ بل هل يوجد نصف جاهل يعتقد أن الانقلابات مؤقتة؟، أليس ضد الدم في سوريا واليمن؟، أليس الأمن والدم اللبنانيان من مقومات السيادة عنده؟، هو ينتقد السفراء والدول غامزا الاعتراضات على تصريحاته البلهاء؛ يجب أن يعلم هذا الجاهل أبسط مقومات السيادة أن أهم واجبات السفير هو مراعاة مصالح بلاده التي يمثلها وأن دولة ترضى التدخل في شؤونها الاستراتيجية العسكرية ولا تدافع عن مصالحها العليا دولة منقوصة السيادة، يبدو أن قرداحي اعتاد سيادة على مقاسه راضيا بقمع أسياده الفُرس وأزلامهم!، لغته الراقية أداءً تركته تائها في وصف سيادة يجهلها؛ ربما لن تتشرف السيادة ولا اللغة أن يعتز بهما لسانه، أنصحه بتعلم الفارسية الأجدر بميوله؛ لعله يجد مَن يخدعهم هناك، ولعله يجرب نوعا آخر من السيادة؛ لا أدري إن كانت ستمنحه فرصة كي يترجمها لنا.
وأخيرا؛ أعرف طفلا قبل 21 عاما؛ كان إذا ظهر قرداحي على الشاشة يهرع إليها ليقبلها، الآن وقد أضحى الطفل شابا؛ ماذا يُظَن أن الشاشة ستستقبل منه إن ظهر ذلك الفاشل عليها، أنصح ألا يرسل شيئا إلى الشاشة؛ لأن المرسلة أغلى من الصورة، ولأن أداة إزالة أثرها على صورته أغلى منه هو أيضا، وكما صنعنا ذلك المسخ بفلوسنا؛ فسنصنع خيرا منه إن شاء الله، لقد خسر قرداحي الملايين ولا توجد له أية وسيلة مساعدة، انسحب أم لم ينسحب؛ فقد انتهى وقته معنا.

كتبه: أبو الليث عبد العزيز بن صالح الحَسني الزهراني.
في مكة، صباح الجمعة 23/3/1443 هـ، 28/10/2021.                        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق