المتابعون

الاثنين، 6 ديسمبر 2021

حول غيرنا!!!

لقد مَنَّ الله -سبحانه وتعالى- علينا بأن خلق لنا ما في الأرض جميعا، وسخرها لنفعنا، وليس النفع هنا هو الفائدة المحضة فحسب؛ بل إن دفع الضرر ومعرفة قدره والتحصن منه هو من النفع أيضا.
والعجب أنه لا يقف النفع من كنه المخلوق المسخَّر لنا عند هذه الحدود؛ بل إننا عايشنا هذه المخلوقات وأفدنا منها في كثير من أوصافنا ومحاولة تكييف حيواتنا، كل ذلك في جملة مقولات تحكي انفعالنا بهذه الكائنات.
إننا إذا أردنا وصف ثباتنا على مبادئنا شبهنا أنفسنا بالجبال، وإذا أردنا الثبات مع النفع تشبهنا لفظا بالنخلة، وإذا أردنا النفع مع سرعة انتشاره تشبهنا بالطِيب والنحل، وإذا أردنا الحرية تشبهنا بالطير، وإذا أردنا الشجاعة تشبهنا بالأسد، وإذا رُمنا الشجاعة وسرعة الهجوم أو الانفلات تشبهنا بالفهد أو الذئب، وإذا رُمنا مقاييس الجمال بدأناها بالقمر ومررنا على الورود والتفاح والعناب والرمان والخيزران والخاتم، وربما اتخذنا من الكائن الواحد أكثر من شبه؛ فالجمل جعلناه علامة على الصبر والحقد، والبحر علامة على الكرم والغدر والسعة، والنمل علامة على الدأب والنظام والاحتقار، والجدار علامة على الصلابة والحيادية السلبية، والأمثلة لا تكاد تنتهي.
ويظل الإنسان يبتدع الفوائد حسا ومعنى من الكائنات ويستمتع بها؛ لكن هل يُتصوَر انفعال هذه الكائنات بهكذا تصرفات بشرية؟، وهل لو أُدركت الانفعالات -إن وُجِدت- ستعني البشر في شيء أو ستغير التوجه الإنساني؟، أحسب أن  الأنا العليا واستشعار ارتفاع السلالة وملك العقل ذي التأريخ؛ كل ذلك  يجعل البشر جميعا يضربون صفحا عما إذا كانت الكائنات تحس؛ إذ المهم هو تيسير الحياة واستملاح العيش واستدامة التغيير ولو في مدلول التشبيه، ولو لم يكن من هذه الأوصاف فائدة إلا دقة الملاحظة والاعتبار وانتقال الخبرات لكفى.
ومن نافلة القول الإشارة إلى أننا لسنا عظاميين معتمدين على تشبيهات الماضين؛ بل إن لنا تشبيهاتنا وإن بدت مضحكة؛ فمَن لا يستطيع تجميع أفكاره يشبهونه بهاتف لا يلتقط الشبكة جيدا، ومن يغضب سريعا بشدة يشبهونه بمحرك ارتفعت حرارته، ومن لا يعنيه شيء مهما اهتم به الأكثرون يشبهونه بثلاجة، وهكذا.
حتى المخترعات والمكتشفات لم تسلم من ألسنة البشر؛ فلله دَرُّنا؛ نراقب ونكتشف ونخترع ونصف، ولا تسل بعدها عن انفعالنا بوصف بعضنا بعضا؛ فقضايا التنمر والقذف ومنصات المحاكم وخشبات المسارح وآفاق مجالسنا شواهد لا تخطئها الأذهان ولا الآذان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق