المتابعون

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

أهل الفرج

ما مَن حَي -مهما بلغ ثراؤه وجاهه وصحته- إلا ولا بد أن يبتلَى، فيكون الضيق ويظل الفرج رجاا، كيف لا؛ وقد قال ربي سبحانه وتعالى: [لقد خلقْنا الإنسان في كبد]؟!، أليست دارنا هذه هي دار ابتلاء، ألسنا محاسبين على صبرنا وعملنا؟!، ثم إن استشعار الضيق ابتلاءً وتكفيرا لا يحول دون البحث عن مخرج وفرَج؛ إذ إن الحياة الهانئة مُعِينة على الشكر وتفَقُّد أحوال ذوي الحاجات وعبادة الله -سبحانه وتعالى- في يُس،ر وهي غيظ لأعداء الدين، ولا يزال كلٌّ منا يجد في نفسه ضيقا -وإن تباين مكانا وسببا وقدرا- باحثا عن فرَج.
ولكن؛ كيف يؤتَى الفرَجَ مَن نسِي أن له ربا يلجأ إليه فانعقد لسانه عن سؤاله سبحانه وتعالى؟!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن تمنَى على الله الأماني، وهو لاهٍ عنه سبحانه، وربما بارزه بالمعاصي؟!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن آذَى خلْق الله؟!، يرجو الفرج من الخالق وهو يضَيِّق على المخلوق فيطلب لنفسه ما يحجزه عن غيره وهو قادر على إنفاذ شيء منه!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن رَكَن إلى الأرض وله قوة على القيام؟!، هل أمطرت السماء ذهباً؟، هل كان للقلب هَبّة أو صدى لغير ذي حس؟، ليس بالدروشة تُصطنَع الحلول!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن غلبَتْ شكواه إلى المخلوق نجواه للخالق؟!، أمِنَ العقل أن يُرى عاجز شاكيا قادراً إلى مَن ربما هو أعجز منه؟!، أما له في رجاء المقتدر -سبحانه- أُنْس؟، أما له في الثقة به والتوكل عليه عُدّة يغبطه عليها الغافلون؟!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن أجَّر عقْله للمثبطين ورهن مستقبله بتوقعات غيب لا يعلمه إلا الله وحده؟، فرضي أن يكون أداة في يد لاعب، أليست الحركة الذاتية فعلا قد يوصل إلى حل؟، أين الطموح واقتحام المصاعب ولو بلحظة تأمُل، أما له في عقله من هاد إلى خير؟!
كيف يؤتَى الفرَجَ مَن استطاب الجهل ولم يتعقب تجارب الماضين؟!، هل طاب له المقام في صحراء البلادة لا يكاد يستبين موردا؟!، أي كسل هذا حال دون بحثٍ عن حقيقة أو أمثولة لا تُعدَم منها فائدة؟!
وبناءً على ذلك كله؛ هل ما نحن فيه من ضِيق هو واقع رضينا به خائرين أَم لعل أشكاله شرانق نحن نسجناها بكسلنا وجهلنا واعتمادنا على عدونا؟!، هل بات الضيق قَدَرنا؟، هل استمرأنا أن نكون أضحوكة الشامتين من صغار المُعادين؟، أي استسلام هذا؟!
إن الأصل فينا هو العمل لبلوغ منزلة المؤمنين الموصوفين بعلو الهمة، ألم يقُل الله تعالى: [وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين]؟!، إن الأحرى بنا ليس البحث عن فرج فحسب؛ بل أن نكون في فرج دائم ونبحث عما هو أكثر تفريجا؛ حتى يحصل لنا الفرَج الأعظم والراحة الكبرى؛ حيث الجنة، وهي سلعة الله الغالية؛ فاللهم: ارزقنا عَيش السعداء وقَوِّنا واجعلنا من أهل الفردوس الأعلى بغير حساب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق