المتابعون

الأحد، 21 يوليو 2024

أمنية يقظ

إذا طفق أحدنا يتمنى علناً ما يُتَصوَر في حق غيره ممكنا وفي حقه مستحيلا؛ يقال له باستنكار: لا تفتأ تعيش في أحلام اليقظة.
وما أكثر ترداد الوعود بين المحبين في أشكال أحلام وردية!؛ فتقلبها يد النكول روتينا اعتادته كل قصة حب.
وترى المحللين النفسيين يرصدون مؤشرات حياة الإنسان المنعكسة على واقعه من خلال أحلامه؛ فيخرجون على الكل بنظريات فرويدية تزيد الحال صداعا.
في المقابل وفي المنام أيضا يفجؤنا الأفاكون بانتحال معرفة المستقبل من نافذة الأحلام أو الرؤى كما يخدعون الناس بهذه التسمية لإفراغ جيوبهم وعقولهم.
ولا يدفع أحدنا إلى البحث عنهم والاستسلام لأطماعهم إلا الانفعال بكوابيس قد لا تتكرر إلا بأفكار طويلة أو أكلة ثقيلة.
الكابوس المفرد من الكَبس أي الضغط على جسد النائم أو نفسه والذي يصل إلى الجاثوم الرابض على الصدر ويكاد يمنع التنفس، والكابوس في أكثر صوره مَشاهد مزعجة متداخلة مشوشة يكرهها النائم مختومة بصراخه المكتوم أو بكائه المؤقت، ثم يكون استيقاظ راسم نهاية سعيدة لوصلة الرعب السابقة.
إن الكابوس هو السيناريو المعبوث بإخراجه والمطروح أمام المُشاهد النصاب المدفوع له ليخرج صاحبه بكلمة طيبة أو يقلب ما في الكابوس من مصايب على عدو صاحب السيناريو الذي لا يُدرى ماذا أضاف إليه.
ويبقى أحدنا في سلام يقَظي ما اقتصرت مشكلاته على أحلام لا يرضاها وهو نائم إلى أن يتلقى داهية دهياء يصفَرُّ منها وجهه قبل أن تستيقظ أنامله لتصفرَّ منها هي الأخرى.
هنا يتمنى المصاب أن يكون في كابوس فيستدعي أنامله المصفرة ليقرص ربما أطرافه المرتعشة ووجهه المصفر؛ لعله لا يحس بألم القرصة إلا بالاستيقاظ المعلن تلاشي الداهية.
إن الكابوس هنا يبيت مع صاحبه أشهى إليه من أحلى حلم، ذلك العرَض الذي فر منه نائما يتمناه متوترا مستنكرا واقعه؛ فيا لَلّه؛ كيف أصبح الكابوس حلُما ورديا أشبه بأمنية يقظ وبطوق نجاة ينتشل المستكبس من أرض التكليف إلى ارتفاع القلم!

كتبه أبو الليث عبد العزيز بن صالح الحَسني الزهراني.
ليلة الأحد 15/1/1446 هـ، 21/7/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق