سؤال قد لا يبدو مُهما:
أي دولة في آخر قرن ونصف من الزمان هي الأعظم؟
الجواب من وجهة نظري:
🇷🇺
نعم #روسيا؛ بقومياتها المتعددة وبمساحتها الأوسع عالميا.
كانت دولة قيصرية فضعُفت قليلا، وفي متاهات ذلك الضعف توسعت وانتصرت على الدولة العثمانية.
ثم جاء البلاشفة واحتلوا دولا في آسيا والبلطيق وشكلوا الاتحاد السوفيتي.
وفي مطلع تسينات القرن الماضي؛ تفكك هذا الاتحاد وسقطت الشيوعية وضعفت روسيا قليلا؛ لكنها نهضت وشكلت دول الكومنولث الروسي واحتلت شبه جزيرة القرم وجزءا من #أوكرانيا وأثرت في سياسات الدول المجاورة، فباتت روسيا البيضاء -مثلا- تابعة لها وإن بدت مستقلة، وهكذا الحال بالنسبة لكازاخستان، كما أثرت على المشهد السياسي في دولة كانت تباعة للاتحاد السوفيتي هي جورجيا ومشكلتها في إقليم أبخازيا.
وما أن يهل العقد الثالث من هذا القرن حتى تشكل روسيا مع الصين محورا ينز عجُل آيات الاستعظام من أمريكا كيف لا؛ أليست روسيا هي الأدرى بدواء هيمنة أمريكا؛ فقد تحالفتا في الحرب العالمية الثانية، ثم تنافستا في الفضاء والمجال النووي ولم تستسلم روسيا مع قلة الإمكانات؛ بل انتصرت بأيدي الفيتناميين وأخافت العالم بنصب صواريخها في كوبا؟
🇷🇺 روسيا التي فقدَت إبان الاتحاد السوفيتي تجمُّع الكوميكون الاقتصادي الذي ضم دولا شيوعية لم تستسلم؛ بل أكدت حنكتها الاقتصادية فأسست منظمة البريكس وبدأ كثير من الدول ذات الاقتصاد الناهض تعمل على الانضمام إلى هذه المنظمة، كما تعاونت مع أوبك ووجهت أسعاره لمصلحتها، وعلى ذِكر التجمعات؛ فإن روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي فقدت أيضا حلف وارسو السياسي العسكري؛ لكنها احتلت أجزاء من أوكرانيا ولم يفعل الناتو شيئا، روسيا استثمرت لصالحها الخلافات الأمريكية الأوروبية وضغطت بغازها على أنفاس الدول المجاورة ووقفت وحدها لا تحتاج إلى حلف ظاهر.
روسيا بذكرى احتلالها سوفيتيا أفغانستان؛ وهي وإن تدخلت سلبيا في المشهد السوري، وإن قمعتْ حالات الانفصال في جمهورية الشيشان؛ لكنها استوعبت كثيرا من الشارع المسلم بوقوفها مع #فلسطين وبدعمها لمكافحة الإسلاموفوبيا وبدعوتها إلى عدم إلصاق الإرهاب بالإسلام وبمحاولتها حلحلة جمود الاقتصاد الإيراني المتأثر بالعقوبات الاقتصادية وبدعمها لدولة مثل #الجزائر ترغب في الانفكاك من تأثير المستعمر الفرنسي.
🇷🇺 روسيا ناجحة في التقاط كل دولة إفريقية انتفضت على الاستغلال الفرنسي؛ فأقامت الشراكات الاقتصادية الاستثمارية معها، روسيا نجحت من الساحل السوري في الوصول إلى المياه الدافئة، روسيا ناجحة حتى الآن في إعادة مجد الاتحاد السوفيتي من البوابة الأوكرانية ومن تدخلها المستمر في الوضع السياسي للدول المحيطة وفي تهديدها لأمن دول مثل بولندا، روسيا نجحت باعتراف الساسة الأمريكيين في التأثير على الانتخابات، كان ذلك واضحا في عام 2016؛ ليشهد العالم أعجوبة حكم الأسرة الواحدة ثم الحزب الواحد ثم بوتين الواحد بمدى تأثيرها في مسار سيادة دولة تمثال الحرية حيث الأكثر من حزب والأكثر من رجل!
وعلى الرغم من أن روسيا تقاطعها اقتصاديا الولايات المتحدة ودول أوروبية وعلى الرغم من خوضها حربا في أوكرانيا وعلى الرغم من الهزة الخطيرة التي سببتها انتفاضة قوة فاغنار؛ إلا أن اقتصادها ما زال ينمو وتعاونها العسكري وجد له أسواقا جديدة خاصة في الهند وإيران ودول عربية، روسيا باتت كلمتها مسموعة أكثر بسياستها الباراغماتية واستغلالها لعثرات أمريكا الجمهورية والديموقراطية.
🇷🇺🇷🇺 على أية حال؛ فالأيام ما تزال تكشف لنا عن مزيد من الدأب الروسي والتلون والتفنن في اكتساب نقاط القوة في عالم مضطرب؛ كلما شهد تقلبات مفاجئة؛ خرجت منه روسيا رابحة؛ كأنها تعرف مسبقا قواعد اللعبة أو كأنها هي التي وضعت اللعبة من الأساس، روسيا حالة جديرة بالدراسة عنوانها: التقدم وإن تقهقر العالَم.
كتبه: أبو الليث عبد العزيز بن صالح الحَسَني الزهراني.
مكة، ليلة الأربعاء 25/1/1446 هـ، 31/7/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق